الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا السؤال قد تناول عدة أمور هي:
1) أن بائع السيارة وكيلُ وكيلِ مالكها.
2) أن المالك الحقيقي للسيارة لم ينته بعد من دفع بقية أقساط ثمنها.
3) أنك أنت أيضاً بعتها قبل تسلمها.
4) أنك كنت قد دفعت عربوناً من ثمن السيارة.
وحول النقطة الأولى فإن أهل العلم قد اختلفوا فيما إذا كان من الممكن للوكيل أن يوكل غيره فيما وكل هو عليه، أم أنه لا يملك ذلك، وكنا قد بينا مختلف أقوالهم في ذلك، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 59473.
وبناء على أن البيع هنا قد فات، فإنه يصير من المتعين الأخذ بالقول بمضيه، سواء اعتبرنا في ذلك قول من يجيزه، وهم الحنفية، أو اعتبرنا قول من يقول بمضي البيع المختلف في فساده بالثمن، وهو قول المالكية.
وأما كون المالك الحقيقي للسيارة لم ينته بعد من دفع بقية أقساط ثمنها، فإن هذا ليس له تأثير على صحة البيع، لأنه قد ملكها بمجرد عقد البيع عليها، واستحق أن يبيعها بعد قبضها، وكونك أنت قد بعتها قبل تسلمها، فكان من الأحوط أن لا تقدم على ذلك قبل أن تحوز السيارة أو توكل شخصاً بحيازتها لك، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وخالف فيه المالكية وطائفة أخرى من أهل العلم، فرأوا أن النهي عن البيع قبل القبض كان وارداً في الطعام، وأن ما سواه يصح بيعه قبل قبضه.
وبما أن بيعك للسيارة قبل قبضها لم يفت بعد، فالأحوط أن تجدد عليها عقداً آخر بعد قبضها إن أمكن ذلك، وإن لم يمكن فلا مانع من أن تقلد فيه من يقول بحليته. وفيما يخص ما دفعته وسميته عربوناً، فإن كنت تعني به العربون المعروف الذي يقصد به أن المشتري إذا نكل في اشتراء السلعة لم يكن له استرجاع ما دفعه، فهذا قد ورد النهي عنه، وأجازه الحنابلة، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 5387.
وإن كنت تعني أنك قد أمضيت البيع، وهذا الذي دفعته يعتبر جزءاً من الثمن فليس في ذلك من حرج، وقد علمت من هذا مختلف ما تعلق بسؤالك من الأحكام، فالرجاء في المستقبل أن تأخذ بالقول الأحوط.
والله أعلم.