الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك بر أبيك والإحسان إليه، وطاعته في المعروف، ومصاحبته بالمعروف -أيضاً- حتى ولو كان ظالماً جداً - كما تقول- لقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا [الأحقاف:15]، وقال: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا [العنكبوت:8] وقال: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:14- 15]، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 23 - 24].
فلا تضجر من اتهامات أبيك لك، وعليك بالصبر، وصاحبه بالمعروف ولو أساء إليك لعظم حقه عليك، ولما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال "أمك" قال ثم من؟ قال: "أمك" قال ثم من؟ قال "أمك" قال ثم من؟ قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم.
ولعلك إذا أحسنت إليه رضي عنك، وإذا رضي عنك، فأنت على خير عظيم، لأن الله سيرضى عنك.
ونذكرك بقوله صلى الله عليه وسلم: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل من؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخلاه الجنة، رواه مسلم وعند الترمذي: ولم يدخل الجنة.
وعلى أية حال، لو وسطت بينك وبين أبيك بعض الخيرين أو بعض الصالحين لإزالة ما بينك وبينه وإصلاح العلاقة التي ساءت، فإنه يرجى أن يحصل الوفاق.
والله أعلم.