الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس من شك في صحة الحديث الذي أشرت إليه، وهو في الصحيحين وغيرهما عن الأحنف بن قيس قال: خرجت وأنا أريد هذا الرجل، فلقيني أبو بكرة فقال: أين تريد يا أحنف؟ قال: قلت: أريد نصر ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني عليا، قال: فقال لي: يا أحنف ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قال: فقلت: أو قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول، قال إنه قد أراد قتل صاحبه.
ولكن أهل العلم حملوا هذا الحديث على ما إذا كان القاتل أو المقتول غير متأول. قال النووي: هو محمول على من لا تأويل له... وقال ابن حجر في الفتح: فالحق أنه محمول على ما إذا كان القتال منهما بغير تأويل سائغ...
فبان من هذا أن الحديث ليس على عمومه، وعليه، فإذا اعتدى أحد على آخر وباغته بإطلاق النار عليه، فإذا لم يجد وسيلة للنجاة منه إلا بقتله فليس عليه ذنب في أن يقتله. فقد روى مسلم وغيره أن رجلاً قال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار.
وقال الشيخ الدردير ممزوجا بكلام خليل: وجاز دفع صائل على نفس أو مال أو حريم. والمراد بالجواز الإذن فيصدق بالوجوب بعد الإنذار ندبا كما في المحارب للفاهم أي الإنسان العاقل بأن يقول له: ناشدتك الله إلا ما تركتني ونحو ذلك أي إن أمكن كما تقدم في المحارب, فإن لم ينكف أو لم يمكن جاز دفعه بالقتل وغيره. اهـ.
فالقتل هو آخر ما يلجأ إليه لدفع الصائل.
والله أعلم.