الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما قام به هذا الشاب لا شك أنه ظلم وقد حرم الله الظلم وتوعد الظالمين، فتأكدي من أن الله لن يضيع حقك، فدعوة المظلوم مُستجابة، ولقد وعد الله بنصر صاحبها، حيث قال في الحديث القدسي: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين. رواه الترمذي وغيره وحسنه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته. متفق عليه. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جداً.
ولا حرج عليك في أن تذبي عن عرضك وتدافعي عن نفسك وتبعدي قالة السوء وظن السوء عن نفسك، سواء أمام أهلك أو ابن خالتك من غير ريبة، بل هذا هو الواجب، فقد روى البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان معتكفاً في المسجد، فجاءته زوجته صفية –رضي الله عنها– وجلست تحادثه ساعة، فلما أرادت الانصراف، وذلك في ظلمة الليل، قام النبي صلى الله عليه وسلم ليوصلها إلى البيت، فرآه اثنان من الأنصار رضي الله عنهم، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم ومعه المرأة، انقلبا راجعين، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما -يعني تمهلا - إنها صفية أي إن المرأة التي معي في الظلام هي أم المؤمنين صفية، فقالا: سبحان الله يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم.
فهذا الحديث يبين كيف ينبغي للمسلم أن يحفظ نفسه ويدفع عنها التهمة، فإن النبي –صلى الله عليه سلم– قد بين للصاحبيين –رضي الله عنهما– أن هذه المرأة التي يقف ويسير معها هي زوجته؛ وذلك لئلا يخطر في بالهما سوء، مع أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو معصوم من ذلك، ثم بين صلوات الله وسلامه عليه أن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم.
فعليك بالاستعانة بالله والتوكل عليه، ودعائه تبارك وتعالى أن ينشر عنك ما هو خير، وأن يسترك مما هو شر وسوء، وكذلك حاولي أن تكوني واضحةً في عامة أفعالك وأقوالك، وتجنبي الغموض الذي يوقع في الريبة والشك.
ولا حرج في ذكر محاسن النفس للحاجة قال النووي رحمه الله في الأذكار: اعلم أن ذكرَ محاسن نفسه ضربان: مذموم ومحبوب، فالمذمومُ أن يذكرَه للافتخار وإظهار الارتفاع والتميّز على الأقران وشبه ذلك، والمحبوبُ أن يكونَ فيه مصلحة دينية وذلك بأن يكون آمراً بمعروف أو ناهياً عن منكر أو ناصحاً أو مشيراً بمصلحة أو معلماً أو مؤدباً أو واعظاً أو مذكِّراً أو مُصلحاً بين اثنين أو يَدفعُ عن نفسه شرّاً أو نحو ذلك فيذكر محاسنَه ناوياً بذلك أن يكون هذا أقربَ إلى قَبول قوله واعتماد ما يذكُره .. وقد جاء في هذا لهذا المعنى ما لا يحصى من النصوص كقول النبيّ صلى اللّه عليه وسلم " أنا النَّبِي لا كَذِبْ " " أنا سَيِّدُ وَلَد آدَم " " أنا أوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأرْضُ " (أنا أعْلَمُكُمْ باللَّهِ وأتْقاكُمْ " " إني أبِيتُ عنْدَ ربي " وأشباهه كثيرة، وقال يوسف صلى اللّه عليه وسلم : "اجْعَلْني على خَزَائِنِ الأرْضِ إني حَفِيظٌ عَلِيمٌ ، وقال شعيب صلى اللّه عليه وسلم : سَتَجِدُنِي إنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ .
والله أعلم .