الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن أضرار المخدرات من الأمور التي لا مراء فيها بين البشر، وكنا قد بينا شيئا من ذلك، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 8001.
وحضورك للمؤتمر الذي قلت إنه كان برفقتك إليه فئة من متعاطي المخدرات بأنواعها كلها، وأنك كنت تشم دخانهم لمدة 3 أيام، وبسبب ذلك أحسست بتأثير المخدرات عليك...
أقول إنك قد ارتكبت بهذا الحضور إثما كبيرا وذلك:
1- لأن حاضر المنكر باختياره لغير ضرورة يعتبر مثل فاعله، كما دل عليه قوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ{النساء:140}. وقد رفع إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قوم يشربون الخمر، فأمر بضربهم، فقيل له: إن فيهم صائما، فقال: ابدأوا به، ثم قال: أما سمعت قوله تعالى.. وتلا الآية المتقدمة.
2- ولأنك ذكرت أنك تأثرت بما كنت تشمه من دخان المخدرات، وفي هذا ضرر عليك كبير، وقد دل على تحريم الضرر بالنفس قوله عليه الصلاة والسلام: لا ضرر ولا ضرار . رواه ابن ماجه، وحسنه السيوطي، وصححه الألباني.
ومما ذكر يتبين لك أنه لم يكن مباحا لك حضور ذلك المؤتمر، ولو كان يدخل في إطار الدراسة؛ لأنه يؤدي إلى حرام، ومن القواعد الفقهية أن ما أدى إلى الحرام فهو حرام، كما قال عز الدين بن عبد السلام في قواعد الأحكام.
ونستثني من هذا الحكم أنك إذا لم يكن لك علم بأن المؤتر سيحضره المتعاطون للمخدرات، وبعد علمك بذلك لم تجد وسيلة تتفادى بها الإقامة مع أولئك النفر، ولو بالرجوع إلى بلدك قبل نهاية المؤتمر، فإنك -إذاً- تكون معذورا؛ لأن التكليف لا يكون إلا بما يستطاع.
والله أعلم.