الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من حق أهل كل بلد أن يشاركوا في إدارة شؤونهم، وعلى المسلمين في كل مكان أن يتمسكوا بدينهم ويحافظوا على هويتهم، وإذا كان ذلك لا يتم إلا بالمشاركة فيما ذكر فإن ذلك يعتبر واجبا شرعيا فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهذا من قواعد الشرع المعروفة عند أهل العلم، ومن القواعد المسلمة أن الشريعة الإسلامية جاءت لجلب المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها، والسياسة الشرعية باب واسع مبناه على الموازنة بين المصالح والمفاسد، فمتى غلب خير الدخول في السياسة رجح دخولها، ومتى غلب شرها رجح تركها، وعلى هذا، فإذا كانت المصلحة من المحافظة على الدين والنفس والمال والعرض.. تقتضي مشاركة المسلمين في تلك البلاد فيما ذكر فإن عليهم أن يشاركوا، وكذلك إذا كانت المشاركة تدفع عنهم المفاسد أو تقلل عنهم الشر.
وأما تولي القضاء وغيره من المناصب فإنه خاضع لتلك القواعد التي أشرنا إليها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: فمن ولي ولاية يقصد بها طاعة الله وإقامة ما يمكنه من دينه ومصالح المسلمين وإقامة ما يمكنه فيها من الواجبات واجتناب ما يقدر عليه من المحرمات لا يؤخذ بما يعجز عنه فإن تولية الأبرار خير للأمة من تولية الفجار ومن فعل ما يقدر عليه من الخير لم يكلف ما يعجز عنه.
وسبق بيان حكم تولي القضاء في البلاد التي لا تحكم بشرع الله تعالى في الفتوى رقم: 18505، نرجو أن تطلع عليها، كما نرجو أن تطلع على الفتاوى: 30626، 9542، 35198، للمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم.
والله أعلم.