الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقريبك هذا إن كان يعرف قيمة أرضه ويحسن المبايعة والمماكسة فقبل أن يبيع لك أرضه بالثمن الذي عرضته عليه فلا حرج عليك في المضي في هذا البيع بالنقد أو بالدين، ثم إذا تم البيع جاز لك أن تبيعها للرجل الذي وعدته بذلك أو لغيره فالوعد في هذه الصورة غير ملزم لك، أما إن كان قريبك مسترسلا في هذا البيع، والشخص المسترسل هو الجاهل بقيمة السلعة ولا يحسن المبايعة كما جاء في المغني : قال أحمد المسترسل الذي لا يحسن أن يماكس وفي لفظ لا يماكس فكأنه استرسل إلى البائع فأخذ ما أعطاه من غير مماكسة ولا معرفة بغبنه ، ولا تحديد للغبن في المنصوص عن أحمد وحده أبو بكر في التنبيه وابن أبي موسى في الإرشاد بالثلث ، وقيل بالسدس وقيل مالا يتغابن الناس به عادة لأن ما لا يرد الشرع بتحديده يرجع فيه إلى العرف. اهـ .
فهذا البيع إذا تم مع الغبن كان للمسترسل الخيار كما بينا ذلك في الفتوى رقم : 63265 ، لكن هل يجوز الدخول في هذا البيع ابتداء مع ما فيه من غبن للمسترسل ؟ أقل ما يقال في ذلك الكراهة ما لم يستنصح المسترسل المشتري، فإن استنصحه فيجب عليه نصحه لحديث: إذا استنصحك فانصح له . رواه مسلم .
جاء في المجموع للإمام النووي: قال أصحابنا: يكره غبن المسترسل وإطلاق الكراهة في ذلك محمول على ما إذا لم يستنصحه المسترسل، أما إذا استنصحه فيجب نصحه ويصير غبنه إذ ذاك خديعة محرمة . اهـ .
هذا وإذا ثبت حديث: غبن المسترسل ربا . كان نصا في المسألة وإلا فالتفصيل الذي ذكره النووي هو المختار . وحديث : غبن المسترسل ربا . رواه البيهقي عن أنس وعن جابر وعلي بن أبي طالب وقال المناوي: قال الحافظ سند هذا جيد . يعني السند الذي عن علي ، وقال الألباني : حديث: غبن المسترسل ربا . حديث باطل كما في السلسة الضعيفة ، وقال في ضعيف الجامع الصغير: ضعيف . اهـ .
والله أعلم .