الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإيداع الأموال في البريد أو في أية مؤسسة أخرى بفائدة يستفيدها المودع كل فترة هو عين الربا، والربا عظيم الخطر وكبير الإثم حيث إنه محاربة لله سبحانه، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279}، وقال صلى الله عليه وسلم: الربا ثلاثة وسبعون بابا، أدناها كأن يأتي الرجل أمه. رواه الحاكم عن ابن مسعود. وقال أيضاً: درهم ربا أشد عند الله من ست وثلاثين زنية. رواه أحمد عن عبد الله بن حنظلة. وقال أيضاً: لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. رواه مسلم عن جابر.
فلا يجوز ممارسة الربا طاعة لمخلوق كائن من كان، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف. أخرجه البخاري ومسلم. وفي المسند أنه قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وعليه فأول واجب عليك الآن هو سحب ذلك المال من تلك المؤسسة الربوية، كما يجب عليك التخلص من جميع الفوائد التي حصلت عن طريق الربا، بصرفها على المحتاجين وفي وجوه الخير، وإذا كان زوجك فقيراً وأبناؤك فقراء، فلا مانع من أن تصرفي تلك الفوائد التي حصلت أو بعضها عليهم، وإن لم يكونوا فقراء فليس لك أن تعطيهم شيئاً منها.
والله أعلم.