الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن العبد الذي على الحق يأتيه الشيطان ليزعزع إيمانه وليشككه في إيمانه، فعليك أن تقطع على هذا اللعين حبائله وتفطن إلى مكائده، فقد قطع على نفسه وعداً ببذل كلما أوتي من جهد في سبيل إغواء العباد، قال تعالى حاكياً عنه: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف:16-17}.
ولا يستطيع الشيطان مع العبد أكثر من الوسوسة، فقد جاء بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا نجد في أنفسنا ما لو يكون أحدنا حممة (فحمة) أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. رواه أحمد وأبو داود.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، إن كيد الشيطان كان ضعيفاً.
وكلما أراد العبد توجهاً إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب.
فننصحك -أيها الأخ الكريم- بأن تعرض عن هذه الوساوس، وأن لا تلتفت إليها، واعلم أن الله لن يحبط عملك بمجردها، ولكن الاستمرار عليها والاسترسال فيها وخيم العاقبة.
والله أعلم.