الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس هناك تعارض بين الأخذ بالأسباب وبين الرضا بمشيئة الله وقدره، فكل من السبب والمقدر من خلق الله عزوجل، قال ابن مفلح في الآداب : قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : الله هو الذي خلق السبب والمسبب فالالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ومحو الأسباب بالكلية قدح في الشريعة، بل العبد يجب أن يكون توكله ورغبته إلى الله سبحانه وتعالى، والله يقدر له من الأسباب ما يشاء . اهـــــ
فالله عزوجل بيده الأمور ولكنه جعل لكل شيء سببا، واقتضت حكمته وسنته أن لا يتوصل إلى المسبب إلا بما جعله سببا إليه . قال ابن العربي في أحكام القرآن عند تفسير قوله تعالى : وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ { يوسف :42 } قال: فيها جواز التعلق بالأسباب وإن كان اليقين حاصلا لأن الأمور بيد مسببها ولكنه جعلها سلسلة وركب بعضها على بعض فتحريكها سنة والتعويل على المنتهى ( يعني القدر) يقين . اهــ.
فليس في الأخذ بأسباب الحمل وتحصيل الولد اعتراض أو تحد لإرادة الله سبحانه بل إن ذلك مطلوب ما دام بالطرق الشرعية لأن تحصيل الولد من مقاصد الشرع، ولذا شرع الله عزوجل النكاح ورغب فيه . وأما الاستدلال بقوله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ { البقرة: 216 } للقعود عن الأخذ بالأسباب فليس صحيحا، فما يدريك أن فيه شرا فلعل فيه خيرا، وإنما يقال ذلك بعد الأخذ بالأسباب، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيئ فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه . فحث صلى الله عليه وسلم المؤمن على الأخذ بالأسباب وعدم العجز، فإذا لم يقدر له الله ما يريد أو أصابه ما يحذر قال قدر الله وما شاء فعل، وهذا بعد المصيبة، أما قبلها فهو مأمور بأن يستعين بالله وأن يحرص على ما ينفعه وأن لا يعجز، مع العلم أنه لا يجب على الأخت عمل هذه العملية ونحوها من أجل تحصيل الولد، ولا تكون آثمة بترك ذلك إلا إذا طلب الزوج منها ذلك، ونحيلها على الفتوى رقم:29748 .
والله أعلم.