الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخرج البخاري عن خباب بن الأرت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن المسلم ليؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب ، ورواه كذلك الترمذي وابن ماجه وغيرها عن خباب رضي الله عنه بلفظ : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد يؤجر في نفقته كلها إلا في التراب أو قال في البناء.
والحديث صححه الألباني وغيره, ولعل هذا الحديث هو الذي ذكره الخطيب المذكور، والذي لا يؤجر عليه من البناء هو ما لم يقصد به وجه الله أو ما زاد على حاجة نفسه أو عياله كما قال أهل العلم.
قال العلامة المناوي في فيض القدير عند شرحه للحديث المذكور: أي في نفقة في البناء الذي لم يقصد به وجه الله تعالى, وقد زاد على ما يحتاجه لنفسه وعياله على الوجه اللائق, فإنه ليس له فيه أجر, بل ربما كان عليه وزر. اهـ
ودين الإسلام بطبيعته وتعاليمه العامة يكره الإسراف والغلو في كل شيء, فهو دين الوسطية والاعتدال كما يلاحظ ذلك في نصوصه كلها كما في قول الله تعالى: يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا {الأعراف:31}
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: كل ما شئت, والبس ما شئت, ما أخطأتك خصلتان؛ سرف ومخيلة.
أما الإسراف والتطاول في البنيان وتزويقه فقد كرهه الشرع وذمه النبي صلى الله عليه وسلم. وانظر الفتوى رقم: 18671.
والله أعلم.