الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه ، نريد أولا أن ننبهك إلى تصحيح الآية التي أوردتها وهي قول الله تعالى :فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ {الأعراف:99} كما ننبهك أيضا إلى أنه لا ينبغي إطلاق لفظ العشق في حق الله عز وجل ، لأنه لم يرد بذلك نص من كتاب أوسنة ، بل لم يرد عن أحد من السلف الصالح من هذه الأمة ، ولما قد يشتمل عليه من مدلول غير شرعي . لذا فالواجب الاقتصار على ماورد به الشرع وهو لفظ " حب الله تعالى، أو محبته "
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك ، فإن المسلم مطالب بأن يوطن نفسه على الشوق إلى لقاء الله تعالى والاستعداد لذلك ، والتطلع إلى ما أعده الله لعباده المؤمنين من الأجر والمثوبة والكرامة التي من أجلِّها رؤيته سبحانه وتعالى في الآخرة . والشوق إلى لقاء الله تعالى يستلزم عدم الركون إلى الدنيا والاطمئنان إليها والرضى بها . بل إن المشتاق حقا إلى لقاء الله تعالى المتطلع إلى الولوج في بحبوحة كرامته ، وواسع فضله ، والانغماس في جزيل مثوبته يعتبر الدنيا مجرد محطة استعداد وتزود لذلك اللقاءالمحبوب ، واستكثار من ذلك الزاد ، وإمعان في ذلك الاستعداد.
فهو لا يتمنى الموت رجاء لذلك الاستكثار والإمعان ورضاء بقضاء الله تعالى. وقد ورد في الخبر الصحيح النهي عن تمني الموت . ففي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه ، فإن كان لا بد فاعلا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي, وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي .
وعليه ، فندعوك -أيتها الأخت الكريمة- إلى تجنب تمني الموت ، لما علمت فيه من النهي . وأن تستبدلي ذلك بالإقبال على الله والاستزادة من فعل الخير, وأن تتوسطي بين الخوف والرجاء.
والله أعلم.