الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في البيع والشراء الإباحة، قال تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة:275}، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ{النساء:29}. والربح في البيع والشراء جائز، وليس له حد لا تحل مجاوزته ولو كان أضعاف رأس المال.
وعليه.. فما ذكرته من الربح الذي يستفيد منه بعض الناس، بحيث تكون الحصة التي يأخذها من الفاكهة والخضراوات قد استفادها مجانا، أو ربما أنه يبيع الجزء بأكثر مما اشترى به الصندوق كله، لا حرج فيه.
ولكن لا ينبغي للمسلم أن يكون جشعا أنانيا، لا يهمه في تجارته إلا الجانب المادي فقط، وإنما ينبغي أن يكون الجانب الخلقي في صدارة اهتماماته وأهدافه، فيراعي العامة في بيعه لهم وشرائه منهم، وفي كل معاملاته. وليجعل دائما نصب عينيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى. رواه البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
وأما ما ذكرته من أنه قد يسألك بعض المشترين عن السعر الأصلي للصندوق فتذكر السعر الأصلي، ولا تذكر أنك قد أخذت جزءا منه لك، فهو في الحقيقة غش. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غشنا فليس منا . أخرجه مسلم عن أبي هريرة. وكذا الحال إذا كان من المعروف عند الناس أن من اشترى مثل شرائك لا يأخذ شيئا لنفسه، فالمعروف عرفا كالمشروط شرطا .
فواجب إذاً أن تتوب من هذا الأمر، ومن تمام توبتك أن تخير المشترين في إمضاء البيع أو رده بعد إعلامهم بالسعر الصحيح، أو تستحلهم منه بالنسبة لما فات من البيوع.
وإذا لم تستطع الوصول إليهم، فعليك أن تتصدق بما ترى أنه يمكن أن يرضى به كل منهم لو عرف الثمن الصحيح، وتكون الصدقة بنية أن الأجر له هو، فإن ظهر هو أو وارثه بعد ذلك فأخبره أنك كنت تصدقت بهذا المال عنه، فإن أمضى ذلك فذلك المطلوب، وإن لم يمضه أعطيته له، وكان أجر الصدقة لك.
والله أعلم .