الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف فيما اطلعنا عليه من كتب السنة ودواوين العلم على هذا الأثر مرفوعا متصلا سنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكل من ذكره من أهل العلم يقف به عند أبي سليمان الداراني يقول: قال الله تعالى، وممن ذكره من أهل العلم البيهقي في شعب الإيمان، وابن كثير في البداية والنهاية، وابن القيم في مدارج السالكين، وأبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي في تاريخ مدينة دمشق، ولم يذكره أحدهم كامل الإسناد، وأبو سليمان الداراني ذكره أبو الحسن بن سميع في الطبقة السادسة. وقال عثمان بن سعيد الدارمي عن دحيم: لا أعلمه إلا ثقة. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال أبو داود: ضعيف. وذكره ابن حبان في كتاب الثقات. وقال أبو أحمد بن عدي: عامة أحاديثه مستقيمة وفي بعضها بعض الإنكار، وقد روى عنه الوليد بن مسلم ونظراؤه من الناس من أهل دمشق، وأرجو أنه لا بأس به. انتهى من تهذيب الكمال للمزي. والله تعالى أعلم.
وأما قولهم (روي في الأثر) فهذه صيغة تمريض تدل على ضعف الأثر المحكي، أو شك الحاكي في صحته فيحيكيه بما يفيد ذلك، ومثلها قيل، قال العيني: قد أكثر البخاري من أحاديث وأقوال الصحابة وغيرهم بغير إسناد، فإن كان بصيغة جزم كقال وروى ونحوهما فهو حكم منه بصحته، وما كان بصيغة التمريض كروي ونحوه فليس فيه حكم بصحته ولكن ليس هو واهيا؛ إذ لو كان واهيا لما أدخله في صحيحه.
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان: فإني لم أقف على من خرج هذا الحديث من هذه الطريق؛ إلا ما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين .. بلفظ : وقد قيل ، ... ولفظة " قيل " صيغة تمريض كما هو معروف. انتهى محل الشاهد منه.
وقال النووي في المجموع : وقد سبق في الفصول في مقدمة الكتاب أنه لا يقال في حديث صحيح روي؛ بل يقال بصيغ الجزم، وهكذا فروي وقيل وحكي ونُقِل ونحوها من صيغ التمريض.
والله أعلم.