الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الصراع بين الأديان مظهر من مظاهر الصراع بين الحق والباطل، والصراع بين الأنبياء وأتباعهم الناهجين منهجهم وبين الشياطين والأبالسة ومن يتبع خطواتهم, وهو صراع قديم وإنما تظهر آثاره في كل حين فقديما أخبرنا الله أن الشيطان عدو لنا ويجب علينا اتخاذه عدوا, وأخبر عن عداء المجرمين للأنبياء وأنه سبحانه وتعالى ناصرهم قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا {الفرقان: 31}
وأخبر كذلك عن حرص أهل الضلال على صد المسلمين عن دينهم فقال: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ {البقرة: 120} وقال تعالى: وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا {البقرة: 217} وقال تعالى: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا {النساء: 27} ولكنه أخبرنا كذلك أن الالتزام بالدين هو السبب الوحيد لسلامتنا من كيدهم وأذاهم فقال تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا {آل عمران: 120} وقال تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا {النساء: 141} فواجب المسلم في كل حال الالتزام بمنهج الله واتباع رسله وموالاة أهل الإيمان والتعاون معهم على البر والتقوى, والالتجاء إلى الله تعالى والتوكل عليه والعمل بشرعه في كل مشكلة تحصل. فقد هجم المشركون واليهود على أهل المدينة في غزوة الاحزاب يريدون التعاون على إبادتهم فأرشد الله نبيه إلى الالتزام بالتقوى وعدم طاعة الكفار وبالتوكل واتباع الوحي فقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا {الأحزاب: 1-3}
ثم إن من التقوى والتوكل بذل الوسع والأسباب الممكنة في صد الهجوم والسلامة منه. ولذلك خندق صلى الله عليه وسلم وعسكر بجيشه ليصد المشركين, ولكن الله كفى المؤمنين القتال, وأرسل على الكفار جندا من جنوده وهو الريح والملائكة. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 6069 ، 3642 ، 57285 ، 71469.
والله أعلم.