الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 1769، والفتوى رقم: 1847 كل ما يتعلق بسؤالك، فلا ندري ما وجه الاستشكال، وعموماً نقول: إن التعارف كلمة فضفاضة، يمكن أن تستغل استغلالا سيئاً، فإن قصد الأخ السائل بهذه الكلمة أن يعرف الرجل المرأة، من حيث الدين والجمال والموافقة على الارتباط به، فكل هذا يمكن الوصول إليه عن طريق أخته أو أمه أو قريبة له، أو زوجة صديق ثقة، وقد أجاز الشرع للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة ليتخذ القرار بالإقدام أو الإحجام، ثم لا يجوز له بعد ذلك النظر إليها إلا بعد العقد.
وإن قصد بالتعارف أن يخرج معها ويدخل، ويذهبا سوياً إلى النزهة وتناول الطعام، وأن يتصل عليها كلما اشتاق لها ويتبادل معها الكلام والمزاح والضحك، فهذا النوع من التعارف هو الذي نقول إنه محرم لا يجوز، أذن بذلك ولي المرأة أو لم يأذن، وليس من حق ولي المرأة أن يصدر إذناً وموافقة لبنته بأن تعصي الله تعالى، وهذا الباب من التعارف باب يلج منه الشيطان ليوقع المسلمين فيما يغضب رب العالمين، وهذا النوع من التعارف هو الحادث في أوساط كثير من المسلمين وهو الذي يسأل عنه كثير منهم، وهو الذي نحذر منه، وأما إن اقتصر الأمر على اتصال لمعرفة أمر لا يمكن أن يعرف إلا من المرأة نفسها، أو كان الاتصال لحاجات معتبرة وتم ذلك مع الحشمة والأدب وعدم الخلوة، فلا مانع منه، وخاصة إذا كان هذا التواصل بالهاتف أو المراسلة.
والله أعلم.