الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله جل جلاله بقدرته قد يطلع الملائكة على مافي نفس الإنسان ، فتكتب له ما يستحق من الثواب والعقاب ، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية : عن قوله صلى الله عليه وسلم : إذا هم العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، الحديث فإذا كان الهم سرا بين العبد وربه فكيف تطلع الملائكة عليه ؟
فأجاب : الحمد الله ، قد روي عن سفيان بن عيينة في جواب هذه المسألة ،قال : إنه إذا هم يحسنة شم الملك رائحة طيبة ، وإذا هم بسيئة شم رائحة خبيثة ، والتحقيق : أن الله قادر أن يعلم الملائكة بما في نفس العبد كيف شاء ، كما هو قادر على أن يطلع بعض البشر على ما في الإنسان ، فإذا كان بعض البشر قد يجعل الله له من الكشف ما يعلم به أحيانا ما في قلب الإنسان فالملك الموكل بالعبد أولى بأن يعرفه الله ذلك . وقد قيل في قوله تعالى : وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ أن المراد به الملائكة ، والله قد جعل الملائكة تلقي في نفس العبد الخواطر ، كما قال عبد الله بن مسعود : إن للملك لمة وللشيطان لمة فلمة الملك تصديق بالحق ووعد بالخير ، ولمة الشيطان تكذيب بالحق وإيعاد بالشر ، وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال : ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الملائكة وقرينه من الجن ، قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : وأنا إلا أن الله قد أعانني عليه فلا يأمرني إلا بخير .
فالسيئة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الشيطان : علم بها الشيطان ، والحسنة التي يهم بها العبد إذا كانت من إلقاء الملك علم بها الملك أيضا بطريق الأولى ، وإذا علم بها هذا الملك أمكن علم الملائكة الحفظة لأعمال بني آدم . انتهى .
والله أعلم .