الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالدعاء عبادة، يقضي الله به الحاجات ويدفع به البليات، ويكشف به الملمات، ويرفع به الدرجات، ولولا أنه نافع لما أمر - سبحانه وتعالى- به بقوله: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60}، لكن الدعاء وإن كان في الأصل مندوباً إليه إلا أنه قد يحرم، ويكره أحياناً، قال صاحب كتاب الفواكه الدواني: وحكم الدعاء في الأصل الندب، وقد يعرض له الوجوب كالدعاء على الجنازة، أو الحرمة كالدعاء على شقي بسوء الخاتمة، والكراهة كالدعاء بشيء يكون وسيلة لمكروه. انتهى.
ومن شروطه أن لا يدعو بما فيه إضاعة لحقوق المسلمين، قال القرطبي: ولإجابته شروط...... وشروطه في المدعو به وهي أن يكون من الأمور الجائزة، فلا يدعو بما فيه إثم ولا قطيعة رحم ولا إضاعة حقوق المسلمين. انتهى كلامه.
فالدعاء بأن تكون زوجة مسلم أو مخطوبته من نصيب الداعي فيه طلب إضاعة لحق مسلم، وذلك أن حاصله الدعاء بفسخ خطبته، ولا يجوز الدعاء على غير الظالم، قال القرافي في أنوار البروق: من الدعاء المحرم... الدعاء على غير الظالم، لأنه سعي في إضرار غير مستحق فيكون حراماً كسائر المساعي الضارة بغير استحقاق، فإن قلت الله سبحانه وتعالى عالم بأحوال العباد جملة وتفصيلاً فلا يجيب دعاء من دعا ظلماً لعلمه تعالى بأنه إضرار غير مستحق وهو سبحانه وتعالى لا يظلم أحداً فلا يكون هذا الدعاء سعيا للإضرار ولا وسيلة له، قلت لا نسلم أنه لا يؤثر ضرراً وما ذكرتموه من علم الله تعالى مسلم، ولكن المدعو عليه لا يخلو غالباً من ذنوب اقترفها أو سيئات اكتسبها من غير جهة الداعي فيستجيب الله تعالى دعاء هذا الداعي الظالم به عليه ويجعله سبباً للانتقام من هذا المدعو عليه بذنوبه السالفة، كما ينفذ فيه سهم العدو والكافر وسيف القاتل له ظلماً، إما مؤاخذة له بذنوبه أو رفعا لدرجاته مع أن صاحب السيف والسهم ظالم فكذلك صاحب الدعاء ظالم بدعائه وينفذ الله دعاءه كسيفه ورمحه، ولذلك يسلط الله عليه السباع والهوام للانتقام وإن لم يصدر منه في حقها ما يوجب ذلك ويعاقب هذا الداعي أيضاً على دعائه بغير حق والكل عدل من الله تعالى، بل لو جوزنا خلو هذا المدعو عليه من الذنوب مطلقاً وطهارته من جميع العيوب لجوزنا استجابة هذا الدعاء ليجعله الله سبباً لرفع الدرجات وإظهار صبر العبد ورضاه فيحصل له الجزيل من الثواب. انتهى كلامه.
والخلاصة أنه لا يجوز لك أن تدعو الله تعالى بما قد يكون فيه ظلم للغير.
والله أعلم.