الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن استحقت الزكاة في ماله وجب عليه أن يخرجها فوراً، ولا يجوز له أن يؤخرها مع القدرة على ذلك والتمكن منه؛ لأنها حق لمن فرضها الله لهم بقوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60}، وفي تأخيرها منع للحق أن يصل لمستحقه في موعده. وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم، إلا إذا كانت هناك مضرة بإخراجها في وقتها كأن يحول الحول على المال قبل مجيء الساعي، ويخشى إن أخرجها بنفسه أن يأخذها الساعي منه مرة أخرى، نص على ذلك أحمد وغيره، وكذا له أن يؤخرها ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة أو ذي حاجة شديدة إذا كان التأخير يسيرا، وإن كان كثيراً فلا يجوز إلا إذا كان التأخير لعدم وجود من يستحقها من الأصناف الثمانية.
وليعلم أن المراد بقوله تعالى في الآية السابقة (وَفِي سَبِيلِ اللّهِ) المجاهدون. لا عموم أوجه الخير، وعليه فلا يصح صرف الزكاة في المشاريع الخيرية النافعة كالمساجد والمعاهد والمستشفيات، بل ينبغي أن يساهم المسلمون في هذه المشاريع بصدقاتهم التطوعية وبأوقافهم. أما الزكاة فلا تصرف إلا في مصارفها المحددة من الشارع وهي محصورة في الآية السابقة. وعليك الآن أن تجمع أموال الزكاة التي ادخرتها وتصرفها في مصارفها المذكورة.
والله أعلم.