الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فزواج المحارم ممنوع شرعاً وطبعاً، ولم يبح في شريعة من الشرائع، ولا حضارة من الحضارات السوية؛ إلا ما كان في عهد آدم، وسببه عدم وجود نساء غير محارم فأبيح نكاح الأخوات ما لم يكن توائم، قال ابن عدي: وكان الولد منهم أي أخواته شاء تزوجها إلا توأمته التي تولد معه فإنها لا تحل له، وذلك أنه لم يكن يومئذ نساء إلا أخواتهم وأمهم .. ومما يذكر هنا قصة هابيل وقابيل لما أمر آدم ابنه قابيل بنكاح توأمة هابيل، وهابيل بنكاح توأمة قابيل فرضي هابيل ورفض قابيل، ورغب بأخته عن قابيل .. الخ القصة. انتهى منه بتصرف يسير. والقصة ذكرها المقدسي أيضاً في البدء والتاريخ، والطبري وغيرهما.
ثم نسخ ذلك في شريعة موسى وبقي نكاح ابن الأخت، ونسخ في شريعة عيسى، قال ابن عدي: وبعث الله عيسى رسولاً ينسخ بعض أحكام التوراة فكان مما نسخه أنه حرم نكاح بنت الأخ. فكان نكاح المحارم ممنوعاً جملة وتفصيلاً ، ولم يخرج عن ذلك سوى المجوس الذين أباحوه، قال المقدسي: وهم يستدلون بفعل آدم عليه السلام فقد كان مباحاً في شريعته. وكذا من سلك نهجهم من القرامطة فقد تعصبوا للمجوس واتبعوهم في ذلك وغيره كما قال الشهرستاني في الملل والنحل، والذهبي في تاريخ الإسلام، والطبري وغيرهم ، هذا ما وقفنا عليه في هذا الشأن .
والله أعلم .