الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما صلاة الاستخارة وكيفيتها ووقتها وأثرها فقد بيناه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38863، 32377، 19333.
وأما الزواج هل هو قدر؟ وهل يغير الدعاء وصلاة الاستخارة من المكتوب فقد أجبنا عنه في الفتوى رقم: 12638.
ومن لجأ إلى ربه وفوض أمره إليه وطلب الخيرة منه في أمره وتبرأ من حوله وقدرته إلى قدرة الله وعلمه، حري به أن يوفق لما فيه خيره وصلاح أمره وإن كرهه في الظاهر، فعسى أن يكره المرء ما فيه خيره، وعسى أن يحب ما فيه شره، كما قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، فحسب ابن آدم أن يكل أمره إلى الله ويستخيره فيما يقدم عليه.
وإذا لم يفعل واعتمد على قدرته واختياره فقد يصيب ما فيه خيره وقد يخطئه ويقع فيما فيه شر له، ولا ينبغي للمرء إذا وقع في أمر أن يقول لو أني فعلت كان كذا وكذا، كما قال صلى الله عليه وسلم: .... احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء لا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم.
قال الطحاوي رحمه الله تعالى: وكل شيء يجري بتقدير الله ومشيئته، ومشيئته تنفذ، لا مشيئة للعباد إلا ما شاء، فما شاء لهم كان وما لم يشأ لهم لم يكن.. وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان وسلم الحرمان ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من نظر أو فكر أو وسوسة، فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه ونهاهم عن مرامه؛ كما قال في كتابه: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ.
وقال ابن القيم رحمه الله: لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله تعالى والأسباب لا تعطي النتائج إلا بإذن الله تعالى. فهذه قواعد ومبادئ في القضاء والقدر ينبغي التبصر بها والوقوف عندها.
والله أعلم.