الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنرجو أن تراجع بعض ما كتبناه عن يزيد بن معاوية في فتوانا رقم: 36047 والذي ذكرناه فيها من الإمساك عنه، وتفويض أمره إلى الله تعالى هو الذي في سائر فتاوانا.
وإذا كنت قد قرأت في موقعنا الجانب المعتم من سيرة يزيد، ولم تقرأ فيه الجانب المضيء؛ فاعلم أن جميع ما ذكرته أنت ونسبته إلى كتاب "العواصم من القواصم" لا يتنافى مع ما في فتاوانا. فجواب محمد بن الحنفية من أخبروه عن سكر يزيد بأنهم إما تسامروا معه أو تقولوا عليه، لا يدل على نفي ما نسب إليه، ولكنه ورع من محمد بن الحنفية رضي الله عنه، فلم يقبل التهمة المذكورة من غير بينة.
والحديث الذي فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له، وأن أول جيش غزاها كان أميره يزيد، لا ينافي أيضًا أن ليزيد مآخذ كثيرة، ولكن الله قد يغفرها له، وقد لا يغفرها له، ويكون للحديث من المخصصات ما يخرج به يزيد وغيره من عموم لفظ الحديث.
واعلم أن أهل العلم قد اختلفوا في أمر يزيد بن معاوية، بين المجيزين للعنه والمجيزين لمحبته.
وننقل لك كلام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كتابه مجموع الفتاوى في هذا الموضوع، حيث قال: والتحقيق أن هذين القولين يسوغ فيهما الاجتهاد، فإن اللعنة لمن يعمل المعاصي مما يسوغ فيها الاجتهاد، وكذلك محبة من يعمل حسنات وسيئات، بل لا يتنافى عندنا أن يجتمع في الرجل الحمد والذم والثواب والعقاب. كذلك لا يتنافى أن يصلى عليه ويدعى له وأن يلعن ويشتم أيضًا باعتبار وجهين. فإن أهل السنة متفقون على أن فساق أهل الملة وإن دخلوا النار أو استحقوا دخولها فإنهم لا بد أن يدخلوا الجنة فيجتمع فيهم الثواب والعقاب ... إلى آخر كلامه.
وعلى أية حال، فإنا نشكرك على هذه الملاحظات التي لا شك فيها إثراء للموقع.
والله أعلم.