الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فصحيح أنه قد ورد في فضل تربية البنات أحاديث صحيحة، منها ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار. وما رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو -وضم أصابعه-. وفي رواية الترمذي: دخلت أنا وهو الجنة كهاتين، وأشار بأصبعيه.
ومع ذلك فإن الله تعالى قد حمل الآباء أمانة تربية الأبناء وتأديبهم وتعليمهم ما أوجبه الله عليهم وتهيئتهم للغاية التي خلقهم الله لأجلها، دون تمييز بين الذكر والأنثى، فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6}، وقال تعالى أيضاً: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا {طه:132}.
وقال صلى الله عليه وسلم: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم.... الحديث رواه البخاري ومسلم.
ولقد حذرنا نبينا من تضييع هذه الأمانة، فقال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه البخاري ومسلم، ولفظ البخاري: ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة.
فبان من هذا العموم أن تربية الأولاد وتنشئتهم على الفضيلة والاستقامة مسؤولية أنيطت بالآباء والأمهات يثابون بفعلها ويعاقبون بتركها، وإنما خصت البنت بالذكر في الأحاديث السابقة، لما تتميز به من الضعف والاحتياج إلى الصيانة والرعاية أكثر من الولد.
والله أعلم.