الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالأصل أنه لا يجوز التحاكم إلى القوانين الوضعية، لما فيها من مخالفة واضحة ومنابذة شديدة لأحكام الله تعالى التي أنزلها في كتابه وعلى لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأوجب التحاكم إليها وراجع في هذا الفتوى رقم: 38757. لكن إذا لم يتمكن المرء من الحصول على حقه إلا بهذا الطريق فلا مانع من اللجوء إليه بشرط أن لا يزيد على حقه المشروع، وبهذا أفتى بعض العلماء في العصر الحاضر، ومنهم الشيخ ابن العثيمين ـ رحمه الله ـ وبناء على هذا لا ما نع من مطالبة الرجل المذكور بالتعويض بقدر الأضرار الناتجة عن تأخره في تنفيذ العمل الذي تعاقدتما عليه إذا كانت المدة المحددة لإنجاز العمل كافية في العرف لإنجازه، فإن لم يمكن الحصول عليه بطريق المصالحة بينكما أو عن طريق وسطاء، فلا مانع من أن تطلبه عن طريق المحاكم الوضعية إذا تعينت طريقاً لذلك مع مراعاة الشروط التي ذكرناها، وراجع لمعرفة حكم الشرط الجزائي الفتوى رقم: 34491. ومن خلالها سيتبين لك أن الشرط الجزائي في العقد الذي أبرمته مع هذا الرجل شرط صحيح، ولا مانع من مطالبته بالوفاء به، لكن لا يجوز لك أن تأخذ مما اشترطته عليه من المال إلا بقدر ما أصابك من ضرر بسبب تأخره، فإن لم يصبك ضرر أصلاً فلا يحق لك أخذ شيء منه، كما قرره من أجاز هذا الشرط في الشرع. وأما إذا كانت المدة المشترطة لتنفيذ العمل المطلوب غير كافية فإن هذا الشرط باطل لما فيه من الغرر كما صرح به علماء المالكية وغيرهم. والله أعلم.