الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمالك رحمه الله تعالى يرى لزوم الطلاق مهما أوقعه المكلف صريحاً أو قصده كناية، ولو كان هازلاً، كما قال خليل بن إسحاق في مختصره على مذهب مالك قال: ولزم ولو هزل. ولو أوقعه وهو في غضب غير مذهب للعقل، فلا يطلق الرجل زوجته وهو يضاحكها ويمازحها في الأغلب وإنما يطلقها في حال الشجار والخصام والغضب منها.
فمهما نطق الزوج لزوجته بمادة الطلاق أو بلفظ آخر وقصد الطلاق فإنه يلزمه ويقع عليه ولو لم يكن يريده، وإنما دعاه إليه الغضب أو العناد أو الفضول وغير ذلك من الأسباب، لما في الحديث: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة. أخرجه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي حسن غريب.
ولا يؤثر عدم الإشهاد على ذلك في عدم وقوع الطلاق بل متى طلق لزمه وإن لم يشهد عليه، فالإشهاد مندوب إليه فقط وليس من شروط صحة الطلاق ولا الرجعة وكل ما لا يشترط فيه الولي، قال خليل في مختصره: وندب الإشهاد.
وبناء على ما ذكر فإن من طلق زوجته طلقت منه بقدر ما ذكر لها من الطلاق فإن كان وصل معها إلى ثلاث طلقات ولو في مجلس واحد بلفظ واحد عند مالك والجمهور فإنها قد بانت منه ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، كما قال تعالى: فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ {البقرة:230}، وإن كان طلقها مرتين فقد بقيت له طلقة واحدة تبين منه بعدها.
والله أعلم.