الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعليك أخي السائل أن تعيد نصح صاحبك هذا ولا تيأس من استجابته، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وأنت على كل الأحوال مأجور على نصحك له، سواء استجاب أم لم يتسجب.
قال المناوي في فيض القدير عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة: وظاهر الخبر وجوب النصح وإن علم أنه لا يفيد في المنصوح.
ولا بد مع النصحية من الصبر والمصابرة، كما قال تعالى على لسان لقمان الحكيم لابنه: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {لقمان: 17}
قال ابن كثير رحمه الله: علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا بد أن يناله من الناس أذى فأمره بالصبر، وقوله إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أي إن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور.
واحرص أن يكون نصحك دائما بالموعظة الحسنة والكلمة الطيبة اللينة فإن ذلك يؤثر في القلوب، وقد أمرنا الله تعالى بذلك في قوله: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {النحل: 125}
ومن ذلك أن تظهر الشفقة على المدعو والرحمة به، وأنك ما تريد من نصحه إلا إيصال الخير والنفع له، وتجنب نصحه أمام غيره وتخير الأوقات المناسبة والوسائل المؤثرة كإهداء شريط مؤثر أو نحوه فلعل ذلك أن يكون أدعى للقبول.
ثم ننصحك أخي الكريم بعدم التسرع في الحكم على الناس بالنفاق فقد تكون له أعذار في التخلف عن صلاة الجماعة، أو قد يرى أنها ليست واجبة عليه على القول المرجوح من قولي العلماء، أو قد يكون ضعيف الإيمان فلا يحكم عليه بالنفاق لهذه الأعذار ونحوها.
ولمزيد من التفصيل حول حكم صلاة الجماعة راجع الفتوى رقم: 38639.
والله أعلم.