الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالدية حق جعلها الله تعالى لورثة المقتول، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً {النساء:92}. وتسقط الدية بعفو الورثة، كما هو مبين في الآية، فإن عفا البعض وطالب البعض بها، سقط حق من عفا بشرط أن يكون بالغا رشيدا. والدية تتحملها العاقلة، ومقدارها حدده النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عمرو بن حزم الطويل وهو في مستدرك الحاكم وغيره، فجعل الدية مائة من الإبل، وقضى فيها بألف دينار ذهبي في حديث عمرو بن حزم، وقضى فيها باثني عشر ألفا من الفضة كما في حديث ابن عباس في السنن. ولك أن تراجع في تفصيلها فتوانا رقم: 14696. وما قاله هذا الذي عرَّفته بأنه شيخ من أنه في حال أخذ أهل القتيل الدية فإن المقتول سيكون عبداً لأهل القاتل يوم القيامة، وبذلك فإن أخذها حرام، هو من الخرافات التي لا يقول مثلها عاقل. وغير صحيح أيضا أن الدية ثمن القتيل، لأن الحر لا يملك ولا يباع، وقد جاء في ذلك من الوعيد ما يدل على نكارته الشديدة وحرمته الغليظة. ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: وذكر منهم.. رجلا باع حرا فأكل ثمنه. والحكمة من الدية لا تحتاج إلى توضيح، فهي تعويض عن المصيبة التي لحقت بأهل القتيل، وليس في أخذها أي ضرر.