الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحلف بالطلاق من شأن أهل الفسق، كما ورد في ذلك حديث اختلف في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله: الطلاق والعتاق من أيمان الفساق. والحديث له شاهد كما قال صاحب كشف الخفاء: قلت: ويؤيده معنى حديث: ما حلف بالطلاق مؤمن ولا استحلف به إلا منافق. رواه ابن عساكر.
وقد نص العلماء على أن أدنى مراتب الحلف بالطلاق الكراهة لما فيه من تعريض الحياة الزوجية للانهيار، لأن الجمهور على أن الطلاق يقع عند الحنث. فعلى الإنسان الحذر من هذا لئلا يوقع نفسه في حرج قد يندم عليه حين لا ينفع الندم.
وهذا مع الأسف ما وقع فيه أخوك كما هو المشار إليه في سؤالك، حيث إنه قد حنث في هذه الإيمان الثلاثة، فإن كان الأمر كذلك فقد حرمت عليه زوجته حتى تنكح زوجاً غيره، لقول الله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ {البقرة: 230}.
وذلك لأن أخاك قد أوقع الطلاق مرتين بلا تردد في الأولى والثالثة تم عاد وأكد حصول ذلك في الثانية، ولا عبرة بنكران الزوجة لهذا من عدمه لأن علمها وعدمه سواء، إذ لا تتوقف صحة الطلاق على علمها.
وهذا بناء على رأي جمهور الفقهاء حيث يرون أن الطلاق المعلق يلزم عند حصول المعلَق عليه، وأما عند شيخ الإسلام ابن تيمية، فإنه يرى أن الحالف إذا قصد مجرد التهديد أو المنع ولم يقصد الطلاق، فإنه لا يلزمه من يمينه إلا كفارة يمين فقط، وراجعي الفتوى رقم: 19410.
هذا ونشير إلى أنه إن كان الذي صدر من أخيك في الطلقة الثانية تحريمها فلك أن تراجعي أقوال العلماء في ذلك في الفتوى رقم: 14259، والفتوى رقم: 26876.
وننبه في الأخير إلى أنه في مسائل الطلاق ينبغي الرجوع إلى الجهات الشرعية المختصة في بلدكم.
والله أعلم.