الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أوجب الإسلام بر الوالدين وطاعتهما في المعروف، وذلك لما لهما من عظيم الفضل على أبنائهما، وفي حالة ما إذا تعارض أمر الأبوين في غير معصية ولم يمكن الجمع بين الأمرين فإن طاعة الأم تقدم على طاعة الأب عند جمهور العلماء، وذلك لما تقوم به من أعباء أكثر من الأب، فهي تزيد على الأب بمشقة الحمل والرضاع وتشاركه في التربية والحضانة، وهذا ما جعل منزلتها في البر أكبر من منزلة الأب، ودليل تقديم طاعة الأم حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه، والذي قال فيه: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي، قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. وقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بآبائكم ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب. رواه ابن ماجه وصححه الألباني، ونقل الباجي الإجماع على أن الأم مقدمة في البر على الأب، وراجع الفتوى رقم: 33419.
وعلى هذا فإذا لم تستطع أن تقنع أباك بالموافقة على الزواج من ابنت خالتك التي تأمرك أمك بالزواج منها فإن حق أمك في الطاعة مقدم على حق أبيك، وبالتالي فإنه يجوز لك الزواج من هذه المرأة إذا كانت صاحبة دين وخلق ولديك الرغبة في الزواج منها، ولا يعتبر ذلك عقوقاً للأب.
والله أعلم.