الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم في تكفير وعدم تكفير تارك الصلاة تهاونا، والذي تدل عليه النصوص هو تكفيره، والعياذ بالله، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 1145. وحيث قلنا بهذا أي بكفر تارك الصلاة تهاونا ـ فإن من كانت حاله مثل ما ذكرت فعليه أن يجدد إيمانه، وأن يتوب إلى الله توبة صادقة، وأن يكثر من فعل النوافل والطاعات، ولا يجب عليه قضاء ما ترك من صلاة أو صيام، ولا كفارة سوى التوبة النصوح والندم، والاستقامة ما بقي. على أنه إن قضى ما ترك من الصلوات، وكفر عما أفسده من الصيام احتياطا وخروجا من خلاف من لم ير كفر تارك الصلاة، كان ذلك أسلم لعاقبته. ولك أن تراجع في موضوع الكفارة فتوانا رقم: 17662.
والتكفير عن الذنوب يكون بالتوبة النصوح. فالله جل وعلا قد شرع لعباده التوبة والإنابة إليه وحثهم عليها ورغبهم فيها ووعد التائب بالرحمة والغفران مهما بلغت ذبوبه، فمن جملة ذلك قوله جل وعلا: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ{لزمر:54}. وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة: 222}. وقد تضافرت دلائل الكتاب والسنة على وجوب التوبة، ولزوم المبادرة إليها، وأجمع على ذلك أئمة الإسلام ـ رحمهم الله تعالى.
والتائب لا يكون تائبا حقا إلا إذا توفرت في توبته خمسة شروط: الشرط الأول: الإخلاص ـ وهو أن يقصد بتوبته وجه الله عز وجل. الثاني: الإقلاع عن الذنب. الثالث: الندم على فعله. الرابع: العزم على عدم الرجوع إليه. الخامس: أن تكون التوبة قبل أن يصل العبد إلى حال الغرغرة عند الموت. قال النووي في شرح مسلم: وللتوبة شرط آخر وهو أن يتوب قبل الغرغرة كما جاء في الحديث الصحيح، وأما في حالة الغرغرة وهي حالة النزع فلا تقبل التوبة. فهذه الشروط فيما إذا كان الذنب بين العبد وربه، كترك الصلاة والصيام مثلا. وأما إذا كان الذنب يدخل فيه حق العباد، فلا بد من إبراء الذمة من هذا الحق. فإن كان مظلمة استحلها منه، أو حقا رده إليه، بالإضافة إلى الشروط الخمسة الآنفة الذكر.
وعليه، فالمال الذي كنت قد أخذته من تلك الفتيات عن طريق التحايل، فلا بد من رده إليهن، لأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، أخرجه الدار قطني وأحمد والبيهقي وغيرهم، وصححه الألباني. وإذا لم تجد وسيلة لرده إليهن فعليك أن تتصدق به عنهن. والذي أخذته برضاهن، فبما أنك أخذته بغرض فاسد فلا بد أيضا من التخلص منه بأي طريقة ممكنة. ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 63617.