الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
وأما ذكر وجود آية عند أحد الصحابة في الجمع الذي حصل أيام عثمان، فإنه اختلف أهل العلم -كما قدمنا في بعض الفتاوى التي سنحيلك عليها لاحقًا-، اختلفوا في فقد الآيات هل كان في عهد أبي بكر، أو عهد عثمان؟
ويحتمل أنه تتبع القرآن في الجمعين عند الصحابة، فوجد بعض الآيات عند بعض الصحابة، ولا ينفي ذلك كونها مجموعة في الصحف، التي عند حفصة، ولا يفيد عدم جديتهم في الجمع زمن أبي بكر.
وأما احتجاج ابن مسعود على عثمان، فقد ذكر المباركفوري في شرح الترمذي أن العذر لعثمان في ذلك، هو أنه فعله بالمدينة، وكان ابن مسعود في الكوفة، وأيضًا فإن عثمان أراد نسخ الصحف التي كانت جمعت في عهد أبي بكر، وأن يجعلها مصحفًا واحدًا، وكان الذي نسخ ذلك في عهد أبي بكر، هو زيد بن ثابت؛ لكونه كاتب الوحي، فكانت له في ذلك أولية ليست لغيره.
وأما إحراق المصاحف، فقد ذكر ابن حجر، عن ابن بطال أن حرق ما فيه اسم الله، فيه إكرام له، وصون عن وطئه بالأقدام.
وبناء عليه؛ فإن الإحراق أولى.
ثم إن المصاحف التي كانت عند بعض الصحابة كان في بعضها يوجد التفسير ممزوجًا بالنص القرآني، وكان مقصد الجمع العثماني هو منع خلاف الناس في القرآن، فجمع -رضي الله عنه- القرآن في مصاحف، ووزعها على الأقطار؛ ليعتمدوها في القراءة بها، فأمر بإحراق ما سواها لمنع الخلاف.
والله أعلم.