الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن علم الاقتصاد كغيره من العلوم الأساسية التي تحتاج إليها الأمة، والتي لا تقوم بنية المجتمع ولا يصلح حاله إلا إذا وجد من يقوم بها كالطب والهندسة وغيرها.
فهذا النوع من العلوم يجب على المسلمين وجوبا كفائيا أن يتعلموه، فإذا قام من يحصل بهم المقصود وتسد بهم الحاجة سقط الإثم عن الباقين.
وإذا لم يقم به أحد أو قام به من لا تحصل به الكفاية بقي الإثم على من لم يكن له عذر، وقد نص أهل العلم على ذلك في كتب الفقه والأصول.
وكونه يستخدم في الحرام لا يجعله ذلك حراما في حد ذاته، وإنما الحرام في استخدامه في الحرام، كما يحرم استخدام غيره من سائر العلوم الشرعية والإنسانية في الحرام.
ولهذا، فإن منعه بحجة إمكان استخدامه في الحرام لا معنى له لأنه من سد الذرائع الملغية والتي لا اعتبار لها شرعا عند القائلين بسد الذرائع لرجحان المصلحة.
قال في المراقي:
..... وألغ إن يك الفساد أبعدا
أو رجح الإصلاح كالأسارى * تفدى بما ينفع للنصارى
وانظر تدلي دوالي العنب * في كل مشرق وكل مغرب
وعلى من درس هذا العلم أو درسه أن يحذر ويحذر غيره من استخدامه في المؤسسات الربوية التي حاربها الله تعالى ، فقد قال الله تعالى وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ .
والحديث المذكور حديث صحيح رواه مسلم وغيره. قال النووي في شرح مسلم: فيه الحث على الابتداء بالخيرات وسن الحسنات والتحذير من اختراع الأباطيل والمستقبحات.
ودارس علم الاقتصاد لا يسن سنة ولا يبتدع بدعة، وإنما يدرس علما قائما وعليه أن يطوع هذا العلم بقواعد الشرع ونصوصه، وعليه أيضا أن يتقي الله تعالى فيه كما أشرنا إليه.
والله أعلم.