الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على المسلم أن ينأى بنفسه عن كل ما يمكن أن يسبب له فتنة أو يوقعه في إثم، وإن أكبر ما يتخوف على الرجل منه الفتنة بالنساء ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
ويزداد الأمر خطراً في حقك بما ذكرته من النساء اللاتي يردن منك الزواج وهن متزوجات، فإنك إن أصغيت إلى ذلك أو سعيت فيه أي مسعى، فإنك تكون مخبباً، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. رواه أبو داود وأحمد والنسائي وصححه الألباني والسيوطي.
وعليه، فإذا كان بإمكانك إيجاد عمل غير هذا فلا تتردد في تركه، وكذا الحال إذا كنت غير محتاج للعمل فيه أصلاً، وأما إن كنت مضطراً إليه لمعاشك ولم تجد غيره، فلا مانع من بقائك فيه في انتظار وجود فرصة عمل أخرى بعيدة عن مواطن الفتنة، وفي انتظار ذلك حاول -ما استطعت- أن تغض بصرك وتتجنب الحديث مع النساء في غير ما تدعو له الحاجة، مع تجنب الخلوة بهن وكل ما من شأنه إثارة الفتنة.
واعلم أنه لا ضرر في أن تعرض المرأة نفسها على من تريد الزواج منه، بشرط انتفاء الخلوة وأمن الفتنة، ففي الصحيحين عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله، إني وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً.... إلى آخر الحديث.
فهذا الحديث وغيره مما في معناه يدل على أنه يجوز للمرأة أن تعرض نفسها على من تريد زوجاً، فإذا وجدت من بين تلك المطلقات أو غيرهن من غير المتزوجات من تصلح لك زوجة فلا مانع من أن تخطبها عند وليها وتتزوجها.
والله أعلم.