الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله تعالى خلق كل شيء وبقدر، كما قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر: 49} وفي حديث مسلم: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس.
ويدخل في عموم شيء أفعال العباد، وهي تشمل حركاتهم وأفكارهم واختيارهم.
ومما يدل على خلق الله لأفعال العباد قوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ {الصافات: 96} وقوله تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ
فقد ثبت في الآيتين أن لهم عملا ومشيئة وأسندهما إليهم وأثبت أنهما من خلق الله. وعلى هذه المشيئة والعمل الذي يفعله العبد باختياره يحاسب العبد ويجازى ويسامح فيما فعله من دون قصد أو اضطرار إليه، فعلى العبد أن يستخدم فكره وطاقته في اتخاذ الطريق الصحيح وأن يبذل ما تيسر له من الوسائل في تحقيق طموحاته عملا بما شرع الله له من بذل الأسباب مع العلم بأن كل شيء مقدر، وأنه لن ينال العبد إلا ما كتب الله له.
وفي صحيح مسلم أن سراقة بن مالك قال: يا رسول الله؛ بَيِّنْ لنا ديننا كأنا خلقنا الآن، فيما العمل اليوم؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير أم فيما نستقبل؟ قال: لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير. قال: ففيم العمل؟ قال: اعملوا، فكل ميسر، وفي رواية: كل عامل ميسر لعمله.
قال النووي في شرح مسلم: وفي هذه الأحاديث النهي عن ترك العمل والاتكال على ما سبق به القدر، بل تجب الأعمال والتكاليف التي ورد الشرع بها، وكل ميسر لما خلق له لا يقدر على غيره
وللمزيد في الموضوع راجع الفتاوى التالية أرقامها: 2887، 20441، 21852، 49314، 52503.
والله أعلم.