الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله خلق الناس ولم يجعل لهم اختيارا قبل خلقهم هل يخلقهم أم لا . وقد شرفهم بحمل الأمانة ولم يكلفهم إلا بما في وسعهم، فجعل فيهم قابلية الخير والشر، وألهمهم التقوى والفجور، وبين لهم طريق الخير والشر. فمن استعان بالله وحمل نفسه على طريق الإيمان والتقوى والفضيلة أحياه الله حياة طيبة في الدنيا وأكرمه بالجنة في الآخرة. ومن استسلم لهواه وشيطانه ولم يستجب لأمر ربه فإنه سيجني عاقبة اختياره. قال الله تعالى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا{الشمس:7ـ10}. وقال تعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً*إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً*إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالاً وَسَعِيرا*إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً{الانسان:5}. وقال في معرض جزاء المؤمنين بالجنة وعدم التكليف بما لا يطاق: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {لأعراف:42}. فقد أخبر تعالى في الآية عن جزاء المؤمن بالجنة، وأدخل بين المبتدإ والخبر جملة اعتراضية تفيد أنهم ماكلفوا إلا بوسعهم فقال: لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا . فالواجب حمل النفس على القيام بعبادة الله، والاستعانة على ذلك بالصحبة الصالحة والدعاء وتعلم والوحي لا سيما أحاديث الترغيب والترهيب. وننبه الأخ السائل أنه لا يليق به أن يقول أريد أن أرجع عدماً، بل ينبغي للمسلم أن يعلم أن اختيار الله عز وجل للعبد خير من اختيار العبد لنفسه. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 10263 ، 25332 ، 31768، 33659 ، 56356 ،9345 .