الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فسرقة المال المذكور لا تسقط زكاة الباقي منه، بل ينظر فيه، فإن كان نصابا وحال عليه الحول وجبت زكاته. قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل: وأما ما تلف قبل الحول فلا تفصيل فيه بين إمكان الأداء وعدمه وهو بمنزلة العدم وينظر لما بقي فإن كان نصابا وحال عليه الحول زكاه وإلا فلا. انتهى.
أما إذا كان المال سرق أو تلف بعد وجوب الزكاة فيه وكان الباقي أقل من النصاب، فقد اختلف أهل العلم هل يزكى ما بقي أم لا؟ الأظهر عند الشافعية وجوب زكاة الباقي ولو كان أقل من نصاب. ففي منهاج الطالبين للنووي ممزوجا بشرح جلال الدين المحلي: ولو تلف بعضه قبل التمكن وبقي بعضه فالأظهر أنه يغرم قسط ما بقي والثاني: لا شيء عليه بناء على أن التمكن شرط للوجوب.
فإذا تلف واحد من خمس من الإبل قبل التمكن ففي الباقي أربعة أخماس شاة على الأول، ولا شيء على الثاني. انتهى.
وعليه، فيجب على الأخت السائلة أن تخرج زكاة ما بقي من مالها وهذا القول أحوط وأبرأ للذمة.
والمال المسروق إذا عاد لمالكه بعد السرقة فلأهل العلم فيه مذاهب متعددة:
المذهب الأول: أنه يعتبر كالمال المتجدد فيستقبل به حولا جديدا.
الثاني: أنه يزكيه عن جميع تلك السنين التي غاب عنه فيها.
الثالث: أنه يزكيه لسنة واحدة فقط.
وهذه المذاهب كلها فصلها ابن قدامة في المغني بقوله:
والحكم في المغصوب والمسروق والمحجوب والضال واحد في جميعه روايتان: إحداهما لا زكاة فيه، نقلها الأثرم والميموني، ومتى عاد صار كالمستفاد يستقبل به حولا، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي في قديم قوليه لأنه مال خرج عن يده وتصرفه وصار ممنوعا منه، فلم يلزمه زكاته كمال المكاتب.
والثانية: عليه زكاته لأن ملكه عليه تام فتلزمه زكاته كما لو نسي عند من أودعه أو كما لو أسر أو حبس وحيل بينه وبين ماله، وعلى كلتا الروايتين لا يلزمه إخراج زكاته قبل قبضه.
وقال مالك: إذا قبضه زكاه لحول واحد، لأنه كان في ابتداء الحول في يده ثم حصل بعد ذلك في يده فوجب أن لا تسقط الزكاة عن حول واحد وليس بصحيح لأن المانع من وجوب الزكاة إذا وجد في بعض الحول يمنع كنقص النصاب. انتهى.
والله أعلم.