الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذكاة الشرعية هي ذبح أو نحر المسلم ـ رجلا كان أو امرأة أو صبيا مميزا ـ لحيوان مأكول اللحم، وكذلك الكتابي (اليهودي أو النصراني)، قال العلامة خليل في المختصر معرفا للذكاة: الذكاة قطع مميز يناكح تمام الحلقوم والودجين. وقد اختلف أهل العلم في كيفيتها، قال ابن قدامة في المغني: أما الفعل فيعتبر قطع الحلقوم والمريء. وبهذا قال الشافعي. وعن أحمد، رواية أخرى، أنه يعتبر مع هذا قطع الودجين، وبه قال مالك، وأبو يوسف، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شريطة الشيطان. وهي التي تذبح فتقطع الجلد ولا تفري الأوداج، ثم تترك حتى تموت. رواه أبو داود. وقال أبو حنيفة: يعتبر قطع الحلقوم والمريء والودجين، فالحلقوم مجرى النفس، والمريء وهو مجرى الطعام والشراب، والودجان، وهما عرقان محيطان بالحلقوم، لأنه أسرع لخروج روح الحيوان، فيخف عليه، ويخرج من الخلاف، فيكون أولى. والأول يجزئ، لأنه قطع في محل الذبح ما لا تبقى الحياة مع قطعه، فأشبه ما لو قطع الأربعة.
ولم يرد في جميع هذه الأقوال أن قطع ودج واحد يكفي في الذكاة ما لم يكن مع الحلقوم والمريء. وانطلاقا مما ذكر، فإذا كان المحرك للسكين مسلما أو كتابيا وقطع في ذكاته الحلقوم والمريء سواء كان مع ذلك الودجان أو أحدهما أو لم يكن، كانت الدابة مذكاة ذكاة شرعية، وإلا فلا.
والأفضل في الذكاة تجنب الصعق الكهربائي ولو كان لايميت الدابة قبل الذبح الشرعي لأنه تعذيب للدابة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. رواه مسلم عن شداد بن أوس رضي الله عنه، وروى البخاري وأبو داود عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ولا تعذبوا بعذاب الله.