الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن جامع بعد التحلل الأول لزمته شاة كفارة لما ارتكب تذبح في الحرم وتوزع على فقرائه، ومن تصدق عليه بشيء منها ملكه وجاز له بيعه، أو التصدق به، أو إهداؤه، أو إطعام من شاء ولو كان على من تصدق به عليه.. إلى غير ذلك من أنواع التصرفات المباحة للمالك في ملكه، ويجوز للمكفر قبول ذلك مع الكراهة. قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: قال البندنيجي والبغوي وسائر أصحابنا في مواضع متفرقة: يكره لمن تصدق بشيء صدقة تطوع، أو دفعه إلى غيره زكاة أو كفارة أو عن نذر وغيرها من وجوه الطاعات أن يتملكه من ذلك المدفوع إليه بعينه بمعاوضة أو هبة، ولا يكره ملكه منه بالإرث، ولا يكره أيضا أن يتملكه من غيره إذا انتقل إليه، واستدلوا في المسألة بحديث عمر رضي الله عنه قال: حملت على فرسي في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه منه وظننت أنه بائعه برخص، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال: لا تشتره، وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه. رواه البخاري ومسلم. وعن بريدة رضي الله عنه قال: بينما أنا جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت، فقال: وجب أجرك، وردها عليك الميراث. رواه مسلم. واتفق أصحابنا على أنه لو ارتكب المكروه واشتراها من المدفوع إليه صح الشراء وملكها، لأنها كراهة تنزيه، ولا يتعلق النهي بعين المبيع. اهـ.
والله أعلم.