الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الهبة إذا كانت قد تمت بشروطها بحيث كان الواهب مؤهلاً للتصرف وقت الهبة وتمت حيازتها من طرف الموهوب له حيازة تامة بحيث يصبح متصرفا فيها تصرف المالك في ملكه، ويرفع الواهب عنه يده تماماً، وتم كل هذا قبل موت أحدهما أو فلس الواهب فإنها تمضي، ولا يحق للواهب الرجوع فيها، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه.
أما إذا لم تستوف الهبة شروطها فإنها ترجع إلى صاحبها، فقد روى الإمام مالك في الموطأ: أن أبا بكر وهب لعائشة رضي الله عنها جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض مرضه الذي توفي فيه، قال لها: كنت قد نحلتك عشرين وسقا ولو كنت قبضتيه أو حزتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب الله تعالى.
وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحوز. وعلى هذا؛ فإن كان الموهوب له لم يحز الهبة حوزاً تاماً حتى مات فإنها ترجع إلى صاحبها.
والله أعلم.