الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كره أهل العلم كثرة الأكل وكثرة النوم، ما لم يفض ذلك إلى ضرر، فإذا أفضى إلى ضرر حرم، قال في كشاف القناع: ويجوز أكله أكثر من ثلثه بحيث لا يؤذيه، وأكله كثيرا مع خوف أذى وتخمة يحرم.
وكثرة النوم تنشأ في الغالب عن كثرة الأكل. قال السفاريني في غذاء الألباب: قال الإمام ابن الجوزي في تبصرته: الشبع يوجب ترهل البدن وتكاسله، وكثرة النوم وبلادة الذهن، وذلك بتكثير البخار في الرأس حتى يغطي موضع الفكر والذكر، والبطنة تذهب الفطنة وتجلب أمراضا عسرة. ومقام العدل أن لا يأكل حتى تصد الشهوة وأن يرفع يده وهو يشتهي الطعام، ونهاية المقام الحسن قوله عليه الصلاة والسلام: ثلث طعام، وثلث شراب، وثلث نفس. والأكل على مقام العدل يصح البدن، ويبعد المرض، ويقلل النوم، ويخفف المؤنة.
وعلاج هذين الداءين إنما يكون بالتقليل من الطعام ومجاهدة النفس على ذلك. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: الأزم دواء -الأزم الإمساك عن الأكل-، ومراده الجوع، وهو من أجود الأدوية في شفاء الأمراض الامتلائية كلها، وهو أفضل في علاجها من المستفرغات إذا لم يخف من كثرة الامتلاء وهيجان الأخلاط وحدتها وغليانها. وقد روى أبو نعيم في الطب النبوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صوموا تصحوا. وقد أورد الهيثمي هذا الحديث في المجمع، وقال فيه: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.
والله أعلم.