الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحاج أو المعتمر الذي لم يرتكب محظورا من محظورات الحج أو العمرة التي توجب دما، ولم يترك واجبا، ولم يكن قارنا ولا متمتعا لا يجب عليه الهدي، وانما يستحب له ذبح الهدي بمكة. ففي المهذب في الفقه الشافعي: يستحب لمن قصد مكة حاجا أو معتمرا أن يهدي إليها من بهيمة الأنعام وينحره ويفرقه لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى مائة بدنة. ويستحب أن يكون ما يهديه سمينا حسنا. انتهى. وهذا الهدي المستحب لا يكفي عما يرتكبه الحاج أو المعتمر من أخطاء توجب الهدي؛ لأن المعروف عند أهل العلم في قواعدهم أن غير الواجب لا يغني عن الواجب. قال القرافي في أنوار البروق في أنواع الفروق: أما إجزاء ماليس بواجب عن الواجب فهو خلاف الأصل، فلو صلى الإنسان ألف ركعة ما أجزأت عن صلاة الصبح، ودفع ألف دينار صدقة لا تجزئ عن دينار الزكاة وغير ذلك. انتهى. وإذا لم يرتكب الحاج والمعتمر ما يوجب هديا فلا يلزمه شيء لأن الأصل براءة الذمة.