الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث الذي أوردته قد أخرجه الإمام النسائي في سننه، وقال فيه الشيخ الألباني: إنه صحيح الإسناد.
ويدل الحديث على أن سالم سبلان راوي الحديث كان مكاتبا، وكانت عائشة لا تحتجب عنه، وكان يرى شعرها وأطرافها، ولما أخبرها بأن الله قد منَّ عليه بالحرية أرخت الحجاب دونه فلم يرها بعد ذلك.
ولو كان سالم سبلان هذا مكاتبا لعائشة لكان أمره واضحا، لأن مكاتب المرأة يجوز له أن يرى منها ما لا يجوز لغيره، فإذا أدى ما عليه وجب عليها أن تحتجب عنه، والذي وقفنا عليه من خبر سالم سبلان هو أنه كان مولى مالك بن أوس وليس مملوكا لعائشة، وإنما روى عنها الحديث وتعلم منها الأحكام، ولكن من أهل العلم من يرى أن للمرأة أن لا تحتجب عن العبد والمكاتب ولو لم يكونا ملكا لها. قال ابن قدامة في "المغني": وعبد المرأة له النظر إلى وجهها وكفيها، لقول الله تعالى: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ {النور: 32}. وروت أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان لإحداكن مكاتب فملك ما يؤدي فلتحتجب منه.. وعن أبي قلابة قال: كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا يحتجبن من مكاتب ما بقي عليه دينار.
وقال خليل: ولعبد بلا شِرْك ومكاتب وَغْدَيْن نظر شعر السيدة كخصي وَغْد لزوج، وروي جوازه وإن لم يكن لهما.
وعليه، فليس في الحديث ما يدل على جواز الدخول على النساء، لأن الخبر المذكور ورد في مكاتب وقد احتجبت منه عائشة فور ما علمت بعتقه، فدل ذلك على وجوب احتجاب الأجنبية عن الحر الأجنبي.
وأما ما سألت عنه من الدخول لضرورة فإن الضرورة يباح لها ما لم يكن مباحا في الأصل، إلا أن عليك أن تعلم أن مجرد السؤال عن مسألة فقهية لا يحتاج معه إلى النظر، فيكفي فيه السؤال من وراء حجاب أو بالفاكس أو التلفون.
ثم إن الحاجة إلى أن يسأل الرجل النساء عما أشكل عليه من أمور دينه تكاد تكون الآن معدومة، فأغلب الفقهاء رجال، ومع هذا، فإنه إذا لم يجد رجلا يسأله فلا مانع من سؤال النساء إذا تجنب كل من الطرفين أسباب الفتنة.
والله أعلم.