الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن السنة تقديم اليمنى في كل ما هو من باب التكريم: كالوضوء، والغسل، واللبس، ودخول المسجد والمنزل، والسلام، والأكل والشرب، واستلام الحجر الأسود، والأخذ، والعطاء، والخروج من الخلاء....
وفي سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت اليسرى لخلائه، وما كان من أذى.
وقد نص بعض الفقهاء في صفة غسل الرجلين على استحباب غسلهما باليد اليسرى، قال صاحب كتاب الفواكه الدواني وهو من فروع الفقه المالكي: وصفة غسلهما -يعني الرجلين- أنه (يصب الماء بيده اليمنى على رجله اليمنى) ويندب كون الصب من أعلى الرجل (ويعركها) أي يدلكها (بيده اليسرى قليلا قليلاً) أي دلكا رفيقا فلا تجب عليه إزالة الأوساخ غير المتجسدة لأنه حرج... (ثم) بعد الفراغ من غسل الرجل اليمنى على الصفة المتقدمة (يغسل) الرجل (اليسرى مثل ذلك) من صب الماء بيده اليمنى وعركها بيده اليسرى عركا لطيفا، ويوعبها بذلك ثلاثا، ويخلل أصابعها ندبا.
وقال في حاشية العدوي المالكي: المتواتر عنه غسلهما -أي الرجلين- فبين النبي صلى الله عليه وسلم الحال الذي يمسح فيه، وكيفية غسلهما أنه (يصب الماء بيده اليمنى على رجله اليمنى ويعركها) أي يدلكها (بيده اليسرى) عركا (قليلا قليلا) أي رفيقا رفيقا (يوعبها) أي يستكمل غسلها (بذلك) أي بالماء والدلك (ثلاثا) أي ثلاث غسلات استحبابا ولا يزيد على ذلك.
وقال ابن عابدين الحنفي في الدر المحتار: (قوله: وغسل رجليه بيساره) لعل المراد به دلكهما باليسار؛ لما قدمناه أنه يندب إفراغ الماء بيمينه، ثم رأيت في شرح الشيخ إسماعيل قال: يُفرِغ الماء بيمينه على رجليه ويغسلها بيساره. انتهى. وأخرج السيوطي في الجامع الصغير عن أبي هريرة رضي الله عنه: إذا توضأ أحدكم فلا يغسل أسفل رجليه بيده اليمنى. انتهى كلام ابن عابدين.
وننبه إلى أن الحديث حكم عليه العلماء بالوضع فلا يُحتَج به، والظاهر أنه لا فرق في استحباب غسل الرجلين باليد اليسرى بين ما إذا كان الوضوء من إناء أو من الحنفية.
والله أعلم.