الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن نسي ركناً من أركان الصلاة كالسجود مثلاً وأمكنه تداركه، فإنه يفعله هو وما بعده، وأما إن تعذر التدارك فإنه يلغي تلك الركعة ويأتي بركعة بدلها ويسجد لسهوه.
وفوات التدارك عند الحنابلة بالشروع في قراءة الركعة الموالية، قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: من ترك ركناً من ركعة كركوع أو سجود ثم ذكره بعد الشروع في قراءة الركعة التي تليها بطلت الركعة التي ترك الركن فيها وصارت التي شرع في قراءتها مكانها، نص عليه أحمد. انتهى
والفوات عند المالكية بعقد الركوع من الركعة التالية: قال الخرشي عند قول خليل: وهما مالكيان: وتداركه إن لم يسلم ولم يعقد ركوعاً، فمعنى تداركه أنه يأتي به فقط من غير استئناف ركعة، فإن كان الركن المتروك من الركعة الأخيرة أتى به إن لم يسلم... إلى أن قال: وإن كان الركن المتروك من غير الأخيرة أتى به إن لم يعقد ركوعاً من ركعة أصلية تلي ركعة النقص، فإن عقده ألغى ركعة النقص وقامت المعقودة مقامها. انتهى.
وبناء على ذلك، فعلى قول الحنابلة كان عليك أن تعتبر الركعة الأولى ملغاة وتحل الركعة التالية محلها وتسجد للسهو، وعلى قول المالكية ما فعلته صحيح؛ غير أنه كان عليك أن تجلس أولاً ثم تسجد لأن الحركة للركن مقصودة.
قال الخرشي عند قول خليل: وسجدة يجلس لا سجدتين. يعني أن من تذكر أنه نسي سجدة واحدة، فإنه يجلس ليأتي بها من جلوس بناء على أن الحركة للركن مقصودة، بخلاف لو تذكر أنه ترك السجدتين بعد قيامه، فإنه يأتي بهما من غير جلوس بل ينحط لهما من قيام كمن لم ينسهما. ومقتضى التعليل أنه يجلس لترك سجدة ولو كان جلس أولاً، وتقييد التوضيح إنما يأتي بناء على أن الحركة للركن غير مقصودة.
وإذا سها الإمام ونقص ركوعاً أو سجوداً -مثلاً- فعلى المقتدين به أن ينبهوه، فإذا لم يرجع إليهم أتوا بالركن الذي تركه، ولحقوا به، وأتموا معه الصلاة.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وإن قام الإمام إلى خامسة ناسياً لم يجز للمأموم متابعته حملاً على أنه ترك ركناً من ركعة وإن كان مسبوقاً.
ولا يترتب على الإمام إذا سها في صلاته شيء تجاه المأمومين، فقد تجاوز الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي ذر وهو صحيح.
فإذا كان الإمام قد فعل ذلك سهواً وبدون قصد فلا يأثم ولا يؤاخذ، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]. قال: قال الله: قد فعلت.
والله أعلم.