الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فواجب المفتي إذا سئل عن حكم مسألة أن يفتي بما تشهد له نصوص الكتاب أوالسنة أو إجماع الأمة أو كان جاريا على قياس معتبر عند أهل العلم.
وإن كان فيها اختلاف أو تعارض بين الأدلة فإنه لا يفتي إلا بما هو راجح في المسألة وهو الأقوى دليلا والأسلم تعليلا.
وإن تساوت الأدلة في نظره فقد اختلف في الذي عليه أن يفعل، والصواب أن يتوقف حتى يتبين له القول الراجح، قال ابن القيم في إعلام الموقعين: إذا اعتدل عند المفتي قولان، ولم يترجح له أحدهما على الآخر، فقال القاضي أبو يعلى: له أن يفتي بأيهما شاء، كما يجوز له أن يعمل بأيهما شاء، وقيل: بل يخير المستفتي فيقول له: أنت مخير بينهما لأنه إنما يفتي بما يراه والذي يراه هو التخيير، وقيل: بل يفتيه بالأحوط من القولين. قلت: الأظهر، أنه يتوقف ولا يفتيه بشيء حتى يتبين له الراجح منهما، لأن أحدهما خطأ فليس له أن يفتيه بما لا يعلم أنه صواب.ا.هـ.
وإذا لم يجد وسيلة للترجيح بين القولين فليفت بالقول الأشهر منهما لأن زيادة شهرته تزيد في رجحانه. قال الحطاب: والذي يفتى به هو المشهور والراجح ولا تجوز الفتوى ولا الحكم بغير المشهور ولا بغير الراجح.
وأما أخذ المرء بالقول الأحوط في خاصة نفسه فهو من الورع، ولكن ليس له أن يفتي بالقول الأحوط إن لم يكن راجحا. وراجع الفتوى رقم: 32738.
والله أعلم.