الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الكذب من الأخلاق الذميمة، وكبيرة من كبائر الذنوب، وليس من أخلاق أهل الإيمان، وقد ورد في التحذير منه كثير من نصوص الشرع، وقد ذكرنا طرفا منها بالفتوى رقم: 26391 والفتوى رقم: 3809.
فالواجب عليك أختي المسلمة الحذر من الكذب فهو مهلكة، والزمي الصدق فإنه منجاة، وأما العشرة مع الخلق ومخالطتهم فهي مرغوب فيها شرعا ولكن في حدود الشرع. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.
والمجاملات التي قد تقتضيها مخالطة الناس لا يلزم أن تتضمن كذبا بل يمكن أن يجامل المرء صديقه ويثني عليه خيرا بما هو فيه وبألفاظ عامة: كأنت فيك خير كثير، وأنت من أحب الناس، أو أغلاهم، أو نحو ذلك مما يحصل به المطلوب، ولا يقع قائله في المحظور.
وإن من أعظم ما يعينك على اجتناب الكذب، تذكرك لعظمة الله تعالى، ووقوفك بين يديه يوم الحساب، واستحضارك لخطورة الكذب، وما يترتب عليه من خزي في الدنيا والآخرة، وفضيلة الصدق، وعاقبته الحميدة في الدنيا والآخرة.
وبخصوص الكذب على الزوج، فالأصل أن تلزمي الصدق مع زوجك ما لم تخشي أن تترتب على ذلك مفسدة من سوء عشرة ونحوها، فحينئذ قد رخص لك الشرع في الكذب عليه حفاظا على حسن العشرة، بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى ضياع حق من حقوقه. وقد ذكرنا دليل الترخيص فيه بالفتوى المذكورة سابقا برقم: 26391.
والله أعلم.