الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كلام الله تعالى -القرآن-، وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ كلام عربي مفهوم لمن يسمعه ويقرؤه، ولا يجوز أن يُحَرَّفَ عن معناه الظاهر الواضح، إلا بدليل قوي يرجحه على المعنى الظاهر .
فمن القواعد الفقهية المقررة عند أهل العلم: أن الأصل في الكلام الحقيقة، فلا يُعدَل عن الحقيقة إلا بدليل.
قال ابن القيم في الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة: لمَّا كان الكلام نوعان: خبرٌ وطلبٌ، وكان المقصود من الخبر تصديقه، ومن الطلب امتثاله، كان المقصود من تأويل الخبر هو تصديق مُخبِره، ومن تأويل الطلب هو امتثاله، وكان كل تأويلٍ يعود على الخبِر بالتعطيل، وعلى الطلب بالمخالفة تأويلًا باطلًا. انتهى.
وهذا التأويل لطلوع الشمس من مغربها بعيد جدا، ولا دليل عليه، فلا يعول عليه؛ لأنه يخالف ظاهر المعنى الذي أراده النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.
فدلَّ هذا الحديث على أن التوبة تبقى مقبولة من العباد حتى تطلع الشمس من مغربها.
قال ابن الملك في شرح المصابيح: مفهوم هذا الحديث وأشباهه: يدل على أن التوبة لا تقبل بعد طلوع الشمس من المغرب إلى يوم القيامة. انتهى.
وعليه فلا يلتفت إلى هذا التأويل، وبادري بالتوبة النصوح، وهي مقبولة إن شاء الله.
والله أعلم.