الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما السؤال الأول، فجوابه: أن صحة هذه المعاملة محل خلاف بين أهل العلم، وهي تجمع بين الشركة والمضاربة، ويمكن تصحيحها على مذهب الحنابلة.
قال الخرقي في مختصره: إن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان، وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بمالهما، تساوى المال، أو اختلف، فكل ذلك جائز. والربح على ما اصطلحا عليه، والوضيعة على قدر المال. اهـ.
وقال ابن قدامة في «المغني» في شرح القسم الرابع: أن يشترك مالان، وبدن صاحب أحدهما. فهذا يجمع شركة، ومضاربة، وهو صحيح ... وقال مالك: لا يجوز أن يضم إلى القراض شركة، كما لا يجوز أن يضم إليه عقد إجارة. ولنا أنهما لم يجعلا أحد العقدين شرطا للآخر، فلم نمنع من جمعهما، كما لو كان المال متميزا. اهـ.
وقال أيضا: إذا دفع إليه ألفا مضاربة، وقال: أضف إليه ألفا من عندك، واتجر بهما، والربح بيننا، لك ثلثاه، ولي ثلثه جاز؛ وكان شركة، وقراضا. وقال أصحاب الشافعي: لا يصح؛ لأن الشركة، إذا وقعت على المال كان الربح تابعا له، دون العمل. ولنا، أنهما تساويا في المال، وانفرد أحدهما بالعمل، فجاز أن ينفرد بزيادة الربح، كما لو لم يكن له مال. اهـ.
وأما السؤال الثاني، فهو من مسائل القضاء، لا الفتوى؛ فإنه يحتاج إلى معرفة الواقع بتفاصيله، وحكم أهل الخبرة في مجال عملكم، وذلك أن إنفاق شيء من رأس المال في تجهيز مكان مستأجر، مع العلم بعدم إمكانية استردادها، قد يكون خارجا عن عرف التجارة، والاستثمار، وبالتالي لا يجوز للمضارب مثل هذا التصرف، فيضمنه من مال نفسه، ولا يصح حينئذ اعتبارها من جملة التكاليف، فضلا عن اعتبارها خسارة من رأس المال. ولا نرى وجها لاعتبار ذلك من الأصول العينية للمشروع، مع العلم بعدم إمكانية استردادها.
والله أعلم.