الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طلب العلم الشرعي، والاشتغال به من أنواع الذكر، وقد فسَّر جمع من أهل العلم مجالس الذكر بمجالس العلم، وذكروا أن الذكر ليس خاصًا بالتسبيح، والتهليل، والتحميد، والتكبير، ونحوها، بل يشمل التلاوة، والتعلم، والتعليم.
قال النووي في الأذكار (ص: 9): اعلم أن فضيلة الذكر غير منحصرة في التسبيح، والتهليل، والتحميد، والتكبير، ونحوها، بل كل عامل لله -تعالى- بطاعة، فهو ذاكر لله -تعالى-، كذا قاله سعيد بن جبير -رضي الله عنه-، وغيره من العلماء.
وقال عطاء -رحمه الله-: مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام، كيف تشتري وتبيع، وتصلي وتصوم، وتنكح وتطلق، وتحج، وأشباه هذا. اهـ.
وجاء في فتح الباري لابن حجر (11/ 209): ويطلق ذكر الله -أيضًا-، ويراد به المواظبة على العمل بما أوجبه، أو ندب إليه -كتلاوة القرآن، وقراءة الحديث، ومدارسة العلم، والتنفل بالصلاة-... اهـ.
وقال الكرماني في الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (22/ 187)، عند الكلام على حديث: إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر .. قال -رحمه الله تعالى-: و (الذكر) متناول للصلاة، وقراءة القرآن، وتلاوة الحديث، وتدريس العلوم، ومناظرة العلماء، ونحوها ... اهـ.
وبناء عليه؛ فإنه يرجى لمن كان يطالع في كتاب من كتب التفسير، أو الحديث، أو الفقه، أن يكون داخلًا فيمن يذكر الله سرًا في نفسه، فقد قال المباركفوري في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 384): (فإن ذكرني في نفسه) أي سراً وخفية، وهو يحتمل أن يكون ذكراً قلبياً، أو لسانياً إخفائياً، أي: ذكراً شفاهياً على جهة السر دون الجهر... اهـ.
والله أعلم.