الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنظر الرجل إلى المرأة التي يريد خطبتها سنة وليس بلازم، وهذا النظر يتم قبل الخطبة، فإن أعجبته أقدم على خطبتها، وإن حدث الزواج بلا نظر فهو صحيح، ويقتصر في النظر على قدر الحاجة، وتحرم الخلوة ويقتصر في الحديث معها على قدر الحاجة من غير خضوع بالقول.
قال الخطيب الشربيني رحمه الله تعالى في "مغني المحتاج": (سن نظره إليها) لقوله صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة وقد خطب امرأة: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما المودة والألفة. رواه الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه.. ووقته (قبل الخطبة) وبعد العزم على النكاح، لأنه قبل العزم لا حاجة إليه، وبعد الخطبة قد يفضي الحال إلى الترك فيشق عليها. ومراده بخطب في الخبر عزم على خطبتها لخبر أبي داود وغيره: إذا ألقي في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها. (وإن لم تأذن) هي ولا وليها اكتفاء بإذن الشارع، ولئلا تتزين فيفوت غرضه، ولكن الأولى أن يكون بإذنها.. فإن لم تعجبه سكت ولا يقول: لا أريدها، لأنه إيذاء (وله تكرير نظره) إن احتاج إليه ليتبين هيئتها فلا يندم بعد النكاح، إذا لا يحصل الغرض غالبا بأول نظرة.. (ولا ينظر من الحرة غير الوجه والكفين ظهرا وبطنا، لأنها مواضع ما يظهر من الزينة المشار إليها في قوله تعالى: [وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا] (النور: 31).
والحكمة في الاقتصار على ذلك أن في الوجه ما يستدل به على الجمال، وفي اليدين ما يستدل به على خصب البدن... وإن لم يتيسر نظره إليها بعث امرأة أو نحوها تتأملها وتصفها له، لأنه صلى الله عليه وسلم بعث أم سليم إلى امرأة وقال: انظري عرقوبيها وشمي عوارضها. رواه الحاكم وصححه. ويؤخذ من الخبر أن للمبعوث أن يصف للباعث زائدا على ما ينظره فيستفيد بالبعث ما لا يستفيده بنظره.. ويسن للمرأة أيضا أن تنظر من الرجل غير عورته إذا أرادت تزويجه، فإنها يعجبها منه ما يعجبه منها، وتستوصف كما مر في الرجل.
والصداق –المهر- ملك للزوجة فإذا تنازلت عنه أو عن بعضه أو رضيت بذهب مستعار لتدفع عن نفسها لوم القريب والبعيد فلها ذلك، وننبه إلى أن المهر يستحق بمجرد العقد فلا يصح للزوجة أن تتنازل عنه قبل ذلك، وأما استقراره كاملا فإنما يكون بالدخول أو موت الزوج قبل ذلك. وانظر الفتاوى التالية برقم: 24043، ورقم: 24743، ورقم: 28137.
والله أعلم.